8:51 ص | 
رياضة التأمل تزيد مستوى الإدراك عند الانسان
رياضة التأمل تزيد مستوى الإدراك عند الانسان
في كل صباح، يحتاج البعض لكمية منتظمة من القهوة أو أية محفزات كيميائية
أخرى، ليتمكن من القيام بأعماله بتركيز وإدراك أكبر. إلا ان دراسة نُشرت
حديثاً في المجلة العلمية Consciousness and Cognition أكدت على ان قيام
الشخص بأداء القليل من تمارين التأمل يومياً تؤدي نفس الغرض.
كما أكدت الابحاث التي تستخدم تقنيات تصوير الاعصاب لتحديد سبب مشكلة ضعف
الادراك عند الشخص، ان تمارين التأمل تسمح بتغيرات في بعض مناطق الدماغ
المرتبطة بالتركيز، على الرغم من تأكيد الابحاث السابقة الدائم لأهمية
التمارين الرياضية المكثفة لتحقيق هذا الهدف. وليتمكن العديد من الاشخاص من
تحقيق رغبتهم في تدعيم قدراتهم الادراكية، يجب ان يتمتعوا بالقدرة على عيش
حياة الرهبان وانضباطهم من حيث توفير الوقت اللازم لهذه التمارين
والالتزام بها، فهذا كل ما يتطلبه الامر مقابل رفع مستوى التركيز والقدرات
الادراكية لديهم.
عندما نُشرت نتائج الدراسة علق الكثيرون على تأكيد الباحثين امكانية الحصول
على هذه المنفعة بدون جهد وكأنهم يعلنون عن سلعة ما أو منتج يؤدي لخسارة
الوزن، مما أثار بعض التحفظات. أثبت الدراسة الجديدة ان العقل يمكن تدريبه
بسهولة على رفع مستوى الادراك لديه بشكل افضل مما كنا نتخيل. وفيها قام
علماء نفس بدراسة تأثير تمارين التأمل على تقنية خاصة تُعرف باسم «خداع
العقل»، فوجدوا ان الذين يمارسون رياضة التأمل قد أظهروا تحسناً ملموساً في
مهاراتهم الادراكية حيث كانت نتيجة ادائهم في إختبارات الادراك اعلى بكثير
ممن لا يمارسون هذه الرياضة، والمدهش في الامر هو تفوق هؤلاء الافراد في
الاختبارات بعد اربعة ايام فقط من ممارسة رياضة التأمل ولمدة 20 دقيقة كل
يوم.
ويقول د. فاضل زيدان الاستاذ في كلية الطب في جامعة ويك فورست:- إن التحسن
الذي وجدناه لدى الافراد المشاركين في الدراسة في اربعة ايام فقط من
التدريب على ممارسة رياضة التأمل، أمر مدهش حقاً، وهذا يثبت ان للعقل
المقدرة على التغيير، كما يمكن التأثير عليه بسهولة بخاصة بواسطة التأمل.
شملت الدراسة التي قام بها د. زيدان وزملاؤه 50 طالبا متطوعا من كلية الطب،
تم تقسيمهم الى مجموعتين متساويتين، واحدة منهم تلقت التدريب الكافي
لممارسة رياضة التأمل بالشكل الصحيح، والثانية كانت تستمع لفترات زمنية
مساوية لوقت تدريب المجموعة الاولى، الى كتاب يُقرأ بصوت عالٍ. وقبل خضوع
المشاركين من كلا المجموعتين لجلسات التأمل والقراءة، تم إخضاعهم لعدة
اختبارات لتقييم امور عدة مثل حدة المزاج، الذاكرة، الانتباه البصري،
عمليات التركيز، اليقظة والحذر.
في بداية التجربة، كان اداء المجموعتين متساويا على جميع المعايير، وقد
تحسن مزاج افراد كلا المجموعتين بعد جلسات التأمل والقراءة كثيراً، إلا ان
المجموعة التي خضعت لجلسات التأمل اظهرت تحسناً كبيراً في الاختبارات
الادراكية، حيث احرز افرادها نقاطاً اعلى بكثير من مجموعة القراءة او
الاستماع. وكانت الافضل بعشرة اضعاف في اختبار تحدي خاص تطلب الحفاظ على
قدرة التركيز في اثناء حفظ المعلومات الاخرى في الدماغ.
هذا وقد أظهرت نتائج الدراسة أهمية رياضة التأمل ومنافعها وعدم حاجة من يمارسها لتدريب مكثف وشاق ليزيد من قدرته على التركيز.
ففي الدراسة طُلب من المشاركين الاسترخاء واغلاق أعينهم والتركيز ببساطة
على صوت تنفسهم، واذا ما حدث ان طرأت اية فكرة في رؤوسهم، كان يُطلب منهم
محاول التخلص منها وعدم التفكير فيها عن طريق إعادة التركيز على عملية
الاحساس بالتنفس مرة اخرى، فعملية التركيز على التنفس بنظام هادىء تعلم
الشخص كيفية تنظيم عواطفه وزيادة وعيه للعمليات العقلية في اثناء حدوثها،
وتشبه في ذلك ممارسة التمارين الرياضية التي تُمارس لزيادة حجم عضلات
الذراعين، والفرق الوحيد بينهما، ممارسة النوع الاول في صالات الرياضة
والاخرى في الدماغ. فإستخدام تقنية خداع العقل بالتأمل تُعلّم الشخص آلية
التحكم بالاحداث الحسية التي تؤدي الى التشتت، بطريقة منظمة اكثر، مما يؤدي
الى فعالية اكبر في اداء المهمات التي ينوي القيام بها.
ويحذر د. زيدان من ان هذا النوع من التدريب يُحضر العقل لأداء النشاط ولكنه
لا يدوم لفترة طويلة، فلا يجوز ان يمارس الشخص رياضة التأمل لاربعة ايام
فقط وانتهى الامر، بل هو بحاجة للتدريب المستمر ليحافظ على عقل حاد الادراك
والتركيز.
شارك