عن العقل والدماغ
لا يختلف اثنان في أن العقل كائن مهول لا يمكن أن يحيط به إلا خالقه سبحانه وهو أعلم بما أودعه فيه من قدرات وأسرار ومعارف .
ولا يختلف علماء النفس والباراسيكولوجيون في أن العقل مؤسسة فيها كل ما يمكن أن يخطر على ذهن بشر وكل ما لا يخطر على الذهن أيضا ، ويستطيع المرء أن يقول بكل بساطة إن في العقل ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
وإذا كان علماء البيولوجيا ، والطب الجسدي والطب النفسي والأعصاب قد احتاروا في فهم وظائف الدماغ بدليل اعترافهم بأن هذا الأخير يظل برغم التقدم التيكنولوجي الصارخ لغزا من ألغاز الكون الكبرى ، فإن هذا الدماغ ليس سوى جهاز استقبال ، فحسب ، لما يصدر عن العقل من رسائل وشعيرات ، يفلح قليلا في فك بعضها ويخطأ كثيرا في حل طلاسم البعض الآخر ، اللهم إلا إذا كان الدماغ قد خضع بواسطة التركيز ، (التأمل الطويل والدائم) لرياضة تفرغه من جميع الشوائب وفي أشكال البرازيب العضوية والكيماوية والفكرية ليتأهل لاستقبال رسائل العقل فيفهمها جميعا ويجد فيها حلولا نهائية لجميع المسائل التي كانت مطروحة قبل ذلك ، وبالتالي ، ليجد فيها الصور الحقيقية لكل الأشياء بلا استثناء ، ويكون بذلك في مقام "الكشف" الذي يراه الصوفية خطأ اتصالا بالخالق سبحانه وحديثا معه بلا وساطة .
فكأننا هنا أمام عقل يغوص في عالم القوى لأنه قوة في حد ذاته ، ويرى في ذلك العلم جميع أصول الأشياء ، وأصول الأفكار والأفعال ، وأسرارها وخباياها ، فهو هناك في ذلك العالم نور الله بلا جدال. ولكن هذا العقل مطالب بتبليغ كل ذلك إلى جزء منه يدخل إلى الدماغ نهارا ويسرح خارجه ليلا(بواسطة الأحلام) أو بالأحرى جزء يسجن بداخل موجات الدماغ الكهرومغناطيسية ، كلما كان الجسد يقظا ، كأن اليقظة تكسب الجسد مغناطيسية خاصة تجتذب إليها قسما من العقل وينفلت من ذلك كلما كان الجسد خامدا في نومه بعد أن تخف المغنطة و يختفي أثرها طوال ساعات النوم .
وإذا كنا عاجزين عن الإحاطة بطبيعة عمل الدماغ ووظائفه الجانبية فكيف يسعنا أن نحيط بالعقل نفسه وما الدماغ - كما سبقت الإشارة- سوى أداة لتلقي إشاراته ورسائله المرموزة ؟
تحضرنا هنا وعن تأمل هذه العلاقة بين قوة العقل وآلية الدماغ فكرة يدور موضوعها حول حالات شاذة التي شكلها الأنبياء والرسل(عليهم السلام) على مر العصور والحقب التي سبقت ظهور الرسالة المتممة المكملة للدين ، أقصد الإسلام . فقد كان الأنبياء والرسل دائما حاملي لمفاتيح العلوم والمعرفة ، ومظهرين لحقائق الأشياء وأصولها ، لا لأن أدمغتهم كانت مغايرة ومؤهلة الاتصال المباشر والمستديم مع العقل في مملكته المذكورة (عالم قوى ، والأصول ، والحقائق) وإنما لأنهم بعد اختيارهم من لدن البارئ جلت قدرته جبلوا على منح أجسادهم وأدمغتهم من الدنيا النزر اليسير الذي لا يفيض ولا يزيد عن الحاجة إلى البقاء بالأرض إلى غاية إكمال المهمة التي بعثوا لأدائها ، فكانوا يبدون عن إيثار وغيرية واستعداد دائم للتضحية بالنفس والأبناء والأهل وكلما كان ذلك مطلوبا أو محتملا ، فكانت أدمغتهم بذلك متخلصة من كل كدرات الدنيا ومتعها ونزواتها فكانت نقية طاهرة ورائقة وبالتالي مؤهلة لاستقبال نور العقل الذي أودعه الله سبحانه فيه شفرات رسالاته .
ارشيف/ الباطن
اتمن لكم كل الخير
لا يختلف اثنان في أن العقل كائن مهول لا يمكن أن يحيط به إلا خالقه سبحانه وهو أعلم بما أودعه فيه من قدرات وأسرار ومعارف .
ولا يختلف علماء النفس والباراسيكولوجيون في أن العقل مؤسسة فيها كل ما يمكن أن يخطر على ذهن بشر وكل ما لا يخطر على الذهن أيضا ، ويستطيع المرء أن يقول بكل بساطة إن في العقل ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
وإذا كان علماء البيولوجيا ، والطب الجسدي والطب النفسي والأعصاب قد احتاروا في فهم وظائف الدماغ بدليل اعترافهم بأن هذا الأخير يظل برغم التقدم التيكنولوجي الصارخ لغزا من ألغاز الكون الكبرى ، فإن هذا الدماغ ليس سوى جهاز استقبال ، فحسب ، لما يصدر عن العقل من رسائل وشعيرات ، يفلح قليلا في فك بعضها ويخطأ كثيرا في حل طلاسم البعض الآخر ، اللهم إلا إذا كان الدماغ قد خضع بواسطة التركيز ، (التأمل الطويل والدائم) لرياضة تفرغه من جميع الشوائب وفي أشكال البرازيب العضوية والكيماوية والفكرية ليتأهل لاستقبال رسائل العقل فيفهمها جميعا ويجد فيها حلولا نهائية لجميع المسائل التي كانت مطروحة قبل ذلك ، وبالتالي ، ليجد فيها الصور الحقيقية لكل الأشياء بلا استثناء ، ويكون بذلك في مقام "الكشف" الذي يراه الصوفية خطأ اتصالا بالخالق سبحانه وحديثا معه بلا وساطة .
فكأننا هنا أمام عقل يغوص في عالم القوى لأنه قوة في حد ذاته ، ويرى في ذلك العلم جميع أصول الأشياء ، وأصول الأفكار والأفعال ، وأسرارها وخباياها ، فهو هناك في ذلك العالم نور الله بلا جدال. ولكن هذا العقل مطالب بتبليغ كل ذلك إلى جزء منه يدخل إلى الدماغ نهارا ويسرح خارجه ليلا(بواسطة الأحلام) أو بالأحرى جزء يسجن بداخل موجات الدماغ الكهرومغناطيسية ، كلما كان الجسد يقظا ، كأن اليقظة تكسب الجسد مغناطيسية خاصة تجتذب إليها قسما من العقل وينفلت من ذلك كلما كان الجسد خامدا في نومه بعد أن تخف المغنطة و يختفي أثرها طوال ساعات النوم .
وإذا كنا عاجزين عن الإحاطة بطبيعة عمل الدماغ ووظائفه الجانبية فكيف يسعنا أن نحيط بالعقل نفسه وما الدماغ - كما سبقت الإشارة- سوى أداة لتلقي إشاراته ورسائله المرموزة ؟
تحضرنا هنا وعن تأمل هذه العلاقة بين قوة العقل وآلية الدماغ فكرة يدور موضوعها حول حالات شاذة التي شكلها الأنبياء والرسل(عليهم السلام) على مر العصور والحقب التي سبقت ظهور الرسالة المتممة المكملة للدين ، أقصد الإسلام . فقد كان الأنبياء والرسل دائما حاملي لمفاتيح العلوم والمعرفة ، ومظهرين لحقائق الأشياء وأصولها ، لا لأن أدمغتهم كانت مغايرة ومؤهلة الاتصال المباشر والمستديم مع العقل في مملكته المذكورة (عالم قوى ، والأصول ، والحقائق) وإنما لأنهم بعد اختيارهم من لدن البارئ جلت قدرته جبلوا على منح أجسادهم وأدمغتهم من الدنيا النزر اليسير الذي لا يفيض ولا يزيد عن الحاجة إلى البقاء بالأرض إلى غاية إكمال المهمة التي بعثوا لأدائها ، فكانوا يبدون عن إيثار وغيرية واستعداد دائم للتضحية بالنفس والأبناء والأهل وكلما كان ذلك مطلوبا أو محتملا ، فكانت أدمغتهم بذلك متخلصة من كل كدرات الدنيا ومتعها ونزواتها فكانت نقية طاهرة ورائقة وبالتالي مؤهلة لاستقبال نور العقل الذي أودعه الله سبحانه فيه شفرات رسالاته .
ارشيف/ الباطن
اتمن لكم كل الخير
0 التعليقات: